تبقى الزغرودة قاسماً مشتركاً في كل افراحنا خاصة عندما تطلق النساء أسرها عبر الشفاه واصابع السبابة والابهام التى تحكم حركة اللسان مع الشفاه والاصابع لتصدر احلي نغم يدل على الفرحة فهي تعبير خاص يشعر الانسان انه في عالم من الفرح فهي تطلق عندما يولد الانسان وعندما يكبر وعند النجاح والتخرج والزواج والتعافي من المرض والحج وعند اشهار الزواج (عقد القران).

للرجال نوع خاص من الزغاريد يختلف عن النساء وهو ما يسمى (بالروراي) كواحد من ادوات اظهار الفرح فيقولون فلان (ضرب الروراي) بوضع اليد على الفم وإطلاق صيحة قوية يعرف بها اعلان الفرح وعندها تطلق النساء الزغرودة وتعم الافراح.

الحاجة سكينة تقول : الزغرودة تعتبر من العادات والتقاليد السودانية القديمة فهي تطلق مع الافراح والمناسبات الحلوة. وتضيف زمان في الاعراس والطهور وقطع الرحط ومع غناء الحكامة كانت الزغرودة اهم اعلان ولكن الزمن اتغير “زمان العروس بتجي وعريسا ماسكة من يدها والحكامة تغني لكن الآن في حاجة بقولوا ليها الزفة المصرية والزغرودة اتغيرت وعاداتنا وتقاليدنا السمحة ودخلت علينا حاجات ماحقتنا وياريت زمان يعود من تاني”.

سلوى محمد تقول الاجيال تغيرت والزغاريد اختلفت واصبحت الآن تطلق بأشكال وانواع مختلفة نصف العادات والتقاليد القديمة السمحة تلاشت مع جيل الزفة والزغرودة المصرية ورقصة (Slow) والتورتة والزغرودة كانت لها رنة تشرح القلب.

الدكتور فيصل احمد سعد عضو فرقة الاصدقاء واستاذ الصوت بكلية الموسيقى والدراما اوضح ان قوة الزغرودة هي من كمية الهواء المندفع من تجويف الرئتين والاعضاء المنتجة للصوت. مضيفاً انها صفير ينتج داخل الفم من الهواء الخارج من الرئة عبر الصوت من اللسان والشفتين بمعنى انه صفير بشري قوي يختلف من امرأة لأخرى.

أكد ان الزغرودة تعرفها كل شعوب العالم ويتم توظيفها حسب الاستخدام المراد. وقال: انه متعارف عليها في السودان وتوظف للبهجة والفرح وموطنها الاساسي في الارياف والمدن الصغيرة. مشيرا الى ان بعض النساء يحركن الصوت فقط وهنا تعتبر الزغرودة للمجاملة. لكن عندما تكون الزغرودة مع حركة الاسنان واللسان تعبر عن الفرح وكلما كان مداها الصوتي ممتداً كلما عبرت أكثر عن حقيقتها. فالزغرودة اهزوجة فرح. وهي محركة لحماس الجيش عند الذهاب للمعركة وعند العودة ظافرا بالنصر.

واضاف: ان فم الانسان عبارة عن أوركسترا موسيقية متكاملة. ومضى في تشبيه الزغرودة (انها أقرب الى آلة الكمنجة كما في اغنية الراحل عثمان حسين).

(والمشاعر زغردت).. لقد ظلت ظاهرة « الزغاريد « أو « الزغردة « هذه كمظهر فولكلوري مميز منذ فترة ليست بالقصيرة. أن الزغاريد عبارة عن أداء فني فولكلوري صوتي لكي لا نقول لفظي نسوي عربي إفريقي بامتياز، إن لم يكن بصفة حصرية. وهذا التوصيف الجغرافي والأنثربولوجي مهما يكن من أمر، فإنها عبارة عن أصوات انفجارية انفعالية ، تخرجها النساء غالباً.

بيد أن الأمر العجيب هو أن كتب اللغة العربية الفصحى القديمة ومعاجمها ليس فيها المعنى الشائع حالياً للفعل: زغردَ.. يزغردُ.. زغردةً ، بمعنى: أصدر صوتاً معينا إظهاراً للسرور والابتهاج. فكأن هذا الجزر اللغوي قد اعتراه حصر أو تخصيص دلالي عبر الزمن، ومما لا شك فيه أن هذا التعبير الصوتي الانفعالي المسمى بالزغرودة، والمواقف الباعثة عليه ،هي واحدة تقريباً في كل المجتمعات تقريباً، وإن اختلفت طرائق الأداء بين بلد وآخر، وحتى بين هذه المنطقة وتلك داخل البلد الواحد.

على أنّ الزغاريد قد تنطلق في بعض اللحظات التي تستدعي الحزن والألم والجزع عادةً، إذا كان الموقف المعني ينطوي على ذلك القدر من المفارقة أو السريالية التي تسمح بذلك. فمثال ذلك عاصفة الزغاريد التي أطلقتها جمع النسوة الليبيات لحظة شنق الشيخ المجاهد عمر المختار أسد الصحراء. ذاك مشهد وتلك زغاريد تجعل الشعر يقف مهابةً وقشعريرة.

وعلى ذكر الاختلاف في طرق أداء الزغاريد، نلاحظ أنّ هنالك على سبيل المثال فرقاً واضحاً بين الزغرودة المصرية والزغرودة السودانية. فالزغرودة المصرية يبدو أنّ أداتها الأساسية هي اللسان الذي يتم تحريكه بسرعة فائقة في حركة لولبية وتأرجح اهتزازي، وولْولة بين الشفتين ، فكأنها تعبر عن الصوت: >ألولولولولولو….< وقد يُشرب صوت اللام شيئاً من صوت راءٍ لثغاء نوعاً ما. والملاحظ أنّ زغاريد بعض قبائل جنوب السودان كالدينكا تحديداً، تبدو أقرب في طريقة تنغيمها إلى الزغاريد المصرية منها إلى زغاريد شمال السودان.

أما الزغرودة السودانية، فيبدو أنّ اللسان لا يتحرك فيها، وإنما تُصدر المؤدية صوتاً يعتمد على تنغيم معين للصوت: « أيُّوي « بهمزة مفتوحة تليها ياء مشددة مضمومة وياء ثانية ساكنة يتم مدها باستخدام الأسنان والشفتين بقدر طول نفس تلك المؤدية هكذا: « أيويويويويويويويويا «. وهذا هو الصوت الذي أثبته الطيب صالح لتصوير الزغرودة السودانية النموذجية في رواية عرس الزين. وتختلف هنا الزغرودة في كافة ولايات السودان فأحياناً في كل ولاية نجد ان هناك لكل قبيلة عادات وتقاليد قائمة بذاتها وتختلف طرق الزغرودة عند القبائل فنجد للدينكا طريقة خاصة ولقبائل الغرب طريقة وايضا الشرق عند البجا والبني عامر طرق قائمة بذاتها برغم الاختلاف في طريقة الاداء سواء كانت في الشرق او الغرب او الجنوب تظل الفرحة هي الفرحة التي اطلقت من اجلها تلك الانغام المختلفة فتظل الزغرودة واحدة من ابرز القواسم الفلكلورية والثقافية المشتركة بين القبائل عامة.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *