حول وظائف الجيوش

ينص التعريف التقليدي لوظائف الجيوش انها الدفاع عن الدولة ومصالحها من المهددات الخارجية. وعلي الرغم من انتشار هذا التعريف الا اننا نجد انه قد أغفل بعض الجوانب المفاهيمية المهمة حول مهام الجيش واول هذه المفاهيم هي مهمة الجيش تجاه قضية الحر، حيث يتصور الكثيرون ان مهمة الجيش هي الذهاب الي الحرب وادارتها وهذا تصور غير صحيح فالصحيح هو ان مهمة الجيش هي منع وقوع الحرب وذلك عبر الاستعداد والتدريب الجيد والتسليح المناسب.

كذلك نجد انه متي ما لاح شبح الحرب كمهدد للدولة او مصالحها نجد ان مهمة الجيش تتمثل في الذهاب بهذه الحرب الي خارج حدود الدولة او على اسوأ تقدير خارج المحيط الحيوي للدولة. هذه القضية من الاهمية بمكان فهي قضية محورية تنبني عليها العقيدة المهنية لمعظم الجيوش بحيث نجد ان الجيوش الكبيرة والتي تتمتع بقدر كبير من المهنية مثل الجيش الامريكي والجيش الروسي لا تنتظر الحرب لتصل الي داخل حدود بلدانها، بل تذهب بحروبها الاف الاميال خارج بلدانها كما حدث في حالة الجيش الامريكي في افغانستان، والعراق، وسوريا، واوكرانيا.

قضية اخري مهمة، وهي دور الجيش في النزاعات الداخلية بشقيها السياسي والمسلح. وهنا ينبغي التأكيد على انها قضية تلي السياسيين في المقام الاول فالنزاعات السياسية تقع مسؤولية ادارتها ووضع الحلول لها على عاتق السياسيين ووظيفة الجيوش تنحصر فقط في حماية خيارات السياسيين مهما كانت.

النزاعات العنيفة والمسلحة هي دائما بيت الداء حيث يطلب السياسيون من الجيش التدخل والاطلاع بوظائف لا ينبغي له القيام بها فالجيوش لا تشهر السلاح في وجه مواطنيها مهما كانت الاسباب. ولهذا السبب فقد قامت بعض الدول بإنشاء قوة مستقلة للتصدي لأعمال الشغب العنيفة التي لا تستطيع الشرطة مواجهتها او النزاعات المسلحة وعدد كبير من الدول وحتى تتجنب الدول هكذا مواقف لجأت الي قوات مستقلة مثل الحرس الوطني في الولايات المتحدة الامريكية وقوات الدرك في عدد من الدول الافريقية والاوروبية، وهنا ايضا ينبغي التأكيد علي ان نشوب نزاع عنيف او مسلح هو فشل سياسي ينبغي ان يُعاقب عليه السياسيون والاعتراف بأن الجيش او اي قوة نظامية اخري تتصدي لهذا الوضع هي في الحقيقة ضحية لهذا الفشل السياسي.

الوظيفة الثالثة هي دور الجيوش في التنمية وهي قضية دقيقة وحساسة، هناك جيوش تقتصر مهامها على توفير الغطاء الامني للمشروعات التنموية الكبرى وهناك جيوش تشارك مباشرة في مجهودات التنمية وفي الحالة الثانية لابد من التركيز علي عدم تحويل الجيش الي قوة اقتصادية تنافس القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل القطاع العام او القطاع الخاص او القطاع المختلط وهذه قضية مهمة وحساسة لابد من التعامل معها بروية وحذر.

فيضانات السودان مجلة يا شباب

فيضانات السودان

الوظيفة الرابعة تدور حول اطلاع الجيش ببعض المهام المدنية في حالات الكوارث والازمات وهنا ايضا يثور السؤال، ما هو التوصيف الدقيق لهذه الظروف ومن يعلنها ومن يأمر الجيش بالاطلاع بهذه المهام وتحت امرة من يعمل في هذه الحالات.

تلك هي الوظائف الرئيسة الاربع للجيوش وكما نلاحظ هي وظائف يقوم بتحديدها الشعب عبر قواه السياسية والمدنية وليس العسكريون.

 

شارك بتعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *