المرتزقة الكولومبيون في السودان: تحقيق يكشف شبكة دولية تديرها الإمارات

في تطور خطير يعكس تعقيدات الحرب في السودان، كشفت تقارير صحفية واستقصائية عن تورط شبكة دولية في تجنيد ونقل المرتزقة الكولومبيين إلى السودان عبر الإمارات، للقتال في صفوف مليشيا الدعم السريع. يقود هذه الشبكة العقيد الكولومبي المتقاعد ألفارو كيخانو بيسيرا، الذي تحوّل من ضابط في الجيش الكولومبي إلى وسيط حرب دولي.

من ماضي مظلم إلى حرب بالوكالة

كيخانو خدم في الجيش الكولومبي حتى عام ٢٠٠٧م، قبل أن يُطرد بسبب علاقاته المزعومة بكارتل المخدرات “نورتي ديل فالي“. تم توقيفه عام ٢٠٠٩م بتهمة تسريب معلومات لعصابات التهريب، لكنه أُطلق سراحه في ٢٠١٠م. منذ ذلك الحين، عمل في اللواء الأجنبي التابع للجيش الإماراتي، الذي يضم مرتزقة من كولومبيا ودول أخرى، ووصل إلى قيادة وحدات ميدانية ضمن هذا التشكيل.

شركة زوجته بوابة المرتزقة

أسّس كيخانو عبر زوجته “كلوديا فيفيانا أوليفيروس” شركة كولومبية باسم A4SI، كواجهة للتوظيف الأمني. الشركة تعاقدت مع شركة إماراتية تُدعى Global Security Service Group، وهي أول شركة أمن خاص مرخصة للعمل المسلح في الإمارات. الجنود الكولومبيون السابقون تم خداعهم بعقود عمل في الإمارات، لكنهم وجدوا أنفسهم في جبهات القتال بدارفور بعد وصولهم.

أرباح على حساب الدماء

تم بالفعل نقل أكثر من ٣٠٠  جندي كولومبي سابق إلى السودان، ضمن خطة تستهدف جلب ١٥٠٠  مرتزق، بعائد مالي يصل إلى ٣٢  مليار بيزو كولومبي سنوياً. رغم مقتل عدد منهم في دارفور، استمرت العمليات، مما أثار غضباً دولياً واسعاً.

رد فعل كولومبيا الرسمي

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو - مجلة يا شباب

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو

في أعقاب تقارير عن مقتل ٤٠ مرتزقاً كولومبياً في غارة جوية نفذها الجيش السوداني على طائرة إماراتية في مطار نيالا، أعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو موقفاً صارماً. في تغريدة له، قال:

“لقد طلبت تمرير قانون عاجل لحظر الارتزاق. إنها تجارة بالبشر تحوّلهم إلى أدوات للقتل.”

المصدر: حساب الرئيس غوستافو بيترو على X (تويتر سابقًا)

الرئيس وصف من يجندون الشباب للقتال بأنهم “أشباح الموت”، وأكد أن حكومته تعمل على تحديد عدد القتلى وإعادة جثامينهم إلى كولومبيا. كما أمر سفير بلاده في مصر بمتابعة القضية دبلوماسيًا.

وزارة الخارجية الكولومبية بدأت بالفعل تحركات لإعادة المواطنين المخدوعين، وأعربت عن أسفها لمشاركة بعض الكولومبيين في الحرب السودانية.
المصدر: وزارة الخارجية الكولومبية

رد الفعل السوداني

في خطوة جريئة، ورداً على تصريحات الرئيس الكولومبي واجراءاته التي طالب باتخاذها، وجه رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس رسالة باللغة الإسبانية في خطابه داعيا فيها الحكومة الكولومبية ومثمناً على الإجراءات في هذا الصدد ولخطورة الموقف مشددا على ضرورة إنهاء تجنيد المواطنين الكولومبيين كمرتزقة يعملون في مناطق الصراع في دارفور والقارة الافريقيه عبر وكلاء الحرب المعروفين للجميع.

الإمارات تحت المجهر

الحكومة السودانية اتهمت الإمارات رسمياً بتجنيد وتمويل المرتزقة الكولومبيين لصالح الدعم السريع، مؤكدة امتلاكها وثائق تثبت ذلك.
المصدر: بيان وزارة الخارجية السودانية

الإمارات نفت هذه الاتهامات، لكن صور الأقمار الصناعية أظهرت وجود طائرات مسيّرة صينية الصنع في مطار نيالا، مما يعزز الشكوك حول الدعم العسكري الخارجي.
تحليل صور الأقمار الصناعية Conflict Armament Research

خلاصة التحقيق

هذه الفضيحة تكشف أن الحرب في السودان لم تعد محلية فقط، بل أصبحت ساحة لتصفية الحسابات الدولية، حيث يتم استغلال فقر الجنود السابقين في أمريكا اللاتينية لإشعال حرب بالوكالة. كما تبرز الحاجة الملحة لتشريعات دولية تجرّم الارتزاق وتمنع استغلال البشر كأدوات للقتل.

 

شارك بتعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *