الى قوى الثورة الحية وشرفاء القوات المسلحة والقوات النظامية

يقول المثل السوداني: اسمع كلام الببكيك

هذا المقال موجه الي صغار الضباط وجنود القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى. أيضاً هو موجه الي الضمير المهني الشريف داخل هذه المؤسسات والذين تسعي القيادة العسكرية الحالية وحلفائها من مليشيات وكتائب الحركة الاسلامية ومجموعات المثقفين الانتهازيين الي استغلالهم من أجل تحقيق طموحاتهم في السلطة ولو كان الثمن بقر البطون وقطع الرقاب.

هو كذلك موجه لقوي الثورة الحية في هذا الظرف العصيب الذي يتطلب منا جميعاً قدراً كبيرا من الشجاعة والنزاهة وعدم التغاضي عن الاخطاء.

قد اتيحت الفرصة امام شرفاء القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى لتحويل الانتصار الذي تحقق في مدينة ود مدني الي ملحمة شعبية تفضي الي انتصار عسكري وسياسي ماحق على ميليشيا الدعم السريع.

في نفس الوقت تعمل بعض المجموعات المعادية للشعب على اختطاف المؤسسة العسكرية والامنية وتحويل العناصر النزيهة داخلها الي دمي في ايدي مجموعة مغامرة وغير مهنية من كبار الضباط غير الامناء لا على مصير شعبهم ولا اوطانهم، بل ولا حتى علي مصائر جنودهم مرؤوسيهم من منسوبي القوات المسلحة وبقية القوات النظامية.

حسب نصوص قانون القوات المسلحة لسنة ٢٠٠٧م وقانون الشرطة لسنة ٢٠١١م وقانون الامن والمخابرات الوطني لسنة ٢٠١٠م، تبقي المهمة الرئيسية والاولي لكل من قبل الانضواء تحت لواء القوات المسلحة أو القوات النظامية الأخرى هي حماية حقوق المواطن وعلي راس تلك الحقوق حماية حقه في الحياة والعيش بكرامة.

إن النجاح في تحويل معركة ود مدني الي ملحمة وطنية سوف يفتح الباب الي مزيد من الانتصارات ويجنب البلاد شر التشرذم والانقسام ويفتح الباب الي تحقيق الاستقرار والتحول الديمقراطي.

أما إذا تحولت معركة ود مدني الي ساحة لتصفية الحسابات السياسية والشخصية لبعض الميليشيات والمجموعات المسلحة المحسوبة على الحركة الاسلامية المنقسمة على نفسها فسوف يدير الشعب السوداني ظهره لمؤسسته العسكرية وقواته النظامية تماماً مثلما حدث بعيد جريمة فض اعتصام القيادة العامة، وحينها سوف تواجه القوات المسلحة وبقية القوات النظامية نفس المصير الذي تواجهه ميليشيا الدعم السريع اليوم.

إن القيام بالدور الوطني والمهني وفقاً للقانون واللوائح، هي التي تحدد وترسم الخط الفاصل بين المقاتل النظامي وفرد المليشيا المقاتل، فالنظامي يعمل وفق القانون واللوائح ولا يسمح للعواطف والرغبات الشخصية في التأثير على أدائه لوظيفته أو تصرفاته.

هذا هو الفرق بينكم وبين عناصر الميليشيا

بالتالي فإن الالتزام بمعايير المهنية والاحترافية المرعية دولياً وعلى رأسها مدونات السلوك وقواعد العمل الاحترافي الصادرة بواسطة الادارات القانونية بمؤسساتكم ومدونة السلوك للعاملين في بالقوات المسلحة ومدونة السلوك للعامين بوكالات انفاذ القانون الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة والوثائق المهنية والقانونية ذات الصلة والتي تؤكد على مبادي النزاهة، والاحترافية، واحترام كرامة الانسان هي من سيحدد الموقف منكم. فالشعب يراقب والعالم يراقب.

لن يتحقق النصر مالم يقطع الطريق أمام جعل المؤسسة العسكرية والامنية مطية لتحقيق أهواء ورغبات القيادات العسكرية الفاسدة وغير المهنية وحلفائهم من المجموعات المحسوبة على الحركة الاسلامية المنقسمة على نفسها.

هذا هو مفتاح النصر وطريق الشعب فكونوا رحماء بينكم وبشعبكم اشداء على قادتكم حين يأمرونكم بما هو مخالف للقانون واللوائح، وحسم اي تفلت أو انتهاك يرتكب وقتياً.

ليكن فيما قامت به ميليشيا الدعم السريع من انتهاكات عظة وعبرة لنا جميعاً. فهذه الميليشيا لم تهزم لا بالأسلحة المميتة ولا بالجيوش الجرارة، بل هزمت وباعتراف قادتها بسبب الإنتهاكاتها الجسيمة التي ارتكبتها في حق المواطنين في ولاية الجزيرة وإذلالها لهم.

ندرك أنه بين من قاتلوا في ولاية الجزيرة عناصر تنقصها الاحترافية ويشاركون عناصر الميليشيا نفس النزعات المريضة، هؤلاء سوف تكون تقع مسؤولية افعالهم أمام الله والقانون على عاتق العناصر الشريفة داخل القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى. وهذا أكبر مهدد لوحدة واستقرار البلاد في ظل قيادة عسكرية غير معنية بحقوق المواطن ولا بقاء الوطن هذا امنا موحداً، قيادة حريصة فقط على مقاعدهم ونياشينهم المغموسة الشعب.

بعد كل مقطع صوتي استمع اليه أو مشهد مصور صادم اشاهده، أدرك جيداً عظم المسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعاً، فالشعب السوداني وقواه الثورية لم تقف الي جانب شرفاء القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى لمجرد كونهم ضباطاً صغار أو جنود. ولا تعفيهم تلك الوضعية من وزر الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب باسمهم.

في نفس الوقت تفرض قيم الثورة والنزاهة على القوي الثورية عدم السكوت على الانتهاكات والفظائع التي ترتكب في حق المواطنين. فتلك هي روح ثورة ديسمبر وشعارها الرئيس (حرية – سلام وعدالة).

ختاماً، لن ينقطع العشم بسهولة في العناصر المهنية الشريفة داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، ولكننا في نفس الوقت سوف لن نسكت أو نتواطأ أو نتغاضى أو نتعامى. فحماية المدنيين في ظل هذه الحرب اللعينة هي مسؤولية عظيمة نتحملها جميعاً جنباً الي جنب وكتفاً بكتف. فإما أن نتحملها بشرف وأمانة أو، فطريق الشعب أوسع من زحام الضيق.

 

شارك بتعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *