الحوسبة السحابية Cloud Computing

الحوسبة السحابية: تحويل مشهد التكنولوجيا
في عالم التكنولوجيا الذي يتطور باستمرار، تُعَد الحوسبة السحابية واحدة من أكثر الاتجاهات تحولاً. فهي تقدم مجموعة واسعة من الخدمات الحاسوبية، بدءاً من الخوادم والتخزين وصولاً إلى الشبكات والبرمجيات، عبر الإنترنت، مما أدى إلى ثورة في كيفية عمل الشركات ودورات التطوير للبرمجيات والنُظُم.
التحول الاقتصادي
تَقليدياً، كانت الشركات تستثمر بكثافة في الأجهزة، مما يفرض تكاليف مبدئية عالية وتعقيداً في إدارة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات.
تُغير الحوسبة السحابية هذه الديناميكية المُكلفة مع نموذج “الدفع حسب الاستخدام”، مما يسمح للشركات باستئجار الخدمات من مزودي السحابة، وبالتالي تقليل التكاليف والتعقيد الناتج من الإدارة والتشغيل والتأمين السبراني والأمني بشكل كبير. ومع ذلك، فإن هذا النموذج لا يخلو من المخاطر؛ فقد واجهت العديد من الشركات الناشئة نكسات مالية بسبب ترك الموارد السحابية غير المستخدمة تعمل بدون علم\قصد من ما ادى لفواتير عالية جداً. 📈 😅
البساطة من خلال التجريد
المفهوم الأساسي للحوسبة السحابية هو التجريد. فهي تحجب التفاصيل الأساسية والتعقيدات للأجهزة وأنظمة التشغيل عن المستخدم النهائي، مما يسمح لهم بالتركيز على أنشطتهم الأساسية. هذه البساطة تُعَد تغييراً جذرياً، حيث تُمَكن الشركات من الابتكار دون الانشغال بالتعقيدات التقنية.
الخدمات السحابية المتنوعة
تنقسم الخدمات السحابية إلى ثلاثة أنواع رئيسية
- البنية التحتية كخدمة (IaaS): تقدم الطبقة الأساسية من الموارد الحاسوبية الافتراضية مثل الخوادم والتخزين عبر الإنترنت.
- المنصة كخدمة (PaaS): توفر منصة للمطورين لبناء التطبيقات واختبارها ونشرها دون إدارة البنية التحتية الأساسية.
- البرمجيات كخدمة (SaaS): تقدم التطبيقات البرمجية عبر الإنترنت، والتي يديرها المزود، وتشمل كل شيء من الصيانة إلى تحديثات الأمان.

انواع الحوسبة السحابية حسب الادارة والتشغيل
التطور التاريخي
مفهوم الحوسبة السحابية يرجع إلى الستينيات عندما كانت الشركات تستأجر وقت الحوسبة على الحواسيب المركزية الكبيرة. هذا النهج تقلص مع ظهور أجهزة الكمبيوتر الشخصية ومراكز البيانات المؤسسية. ومع ذلك، شهد أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إحياءً لهذا المفهوم بفضل ظهور البرمجيات كخدمة وظهور مزودي السحابة الضخمة، مما أطلق عصر الحوسبة السحابية الحديثة.
نمو السوق والتوقعات
تشهد الحوسبة السحابية صعوداً سريعاً. وتتوقع شركة جارتنر أن يصل الإنفاق العالمي على خدمات السحابة العامة إلى ٧٢٣.٤ مليار دولار بحلول عام ٢٠٢٥، بزيادة عن ٥٩٥.٧ مليار دولار في عام ٢٠٢٤. يدعم أيضاً هذا النمو الاعتماد المتزايد على التطبيقات السحابية وخدمات البنية التحتية.
المزودون الرائدون

قووقل، امازون ومايكروسوفت آزور
اليوم، يسيطر على سوق السحابة ثلاثة مزودين رئيسيين: جوجل كلاود، ومايكروسوفت أزور، وأمازون ويب سيرفيسز (AWS).
تقود AWS حالياً السوق، ولكن مايكروسوفت أزور تقترب بسرعة ومن المتوقع أن تتحدى هيمنة AWS في المستقبل القريب.
أمازون ويب سيرفيسز (AWS)
AWS، الرائد في مجال الحوسبة السحابية، تقدم مجموعة شاملة من الخدمات بما في ذلك القدرة الحاسوبية والتخزين وقواعد البيانات. تشتهر AWS بقابليتها للتوسع، وشبكتها العالمية الواسعة، وإجراءاتها الأمنية القوية. تخدم AWS مجموعة واسعة من العملاء، بدءاً من الشركات الناشئة إلى المؤسسات الكبيرة، وتتميز بقوتها في قطاعات مثل التجارة الإلكترونية، والإعلام، والخدمات المالية.
مايكروسوفت أزور
مايكروسوفت أزور تقترب بسرعة من AWS بفضل تكاملها مع مجموعة منتجات مايكروسوفت الواسعة، بما في ذلك Office 365 وDynamics 365.
تتميز أزور في حلول “السحابة الهجينة”، مما يوفر تكاملاً سلساً بين مراكز البيانات المحلية والسحابة. تُعتبر أزور عالية التقدير لخدماتها المؤسسية وقدراتها في الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة. تتمتع أزور أيضاً بدعم قوي لمختلف لغات البرمجة والأُطر، مما يجعلها خياراً متعدد الاستخدامات للمطورين.
جوجل كلاود
تُعرف جوجل كلاود بريادتها في تحليلات البيانات وتعلم الآلة، مستفيدة من خبرة جوجل في هذه المجالات. تقدم جوجل كلاود أدوات قوية مثل BigQuery وTensorFlow، مما يجعلها الخيار المفضل للشركات التي تركز على البيانات الضخمة والتطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. توفر جوجل كلاود أيضاً دعماً قوياً لـ Kubernetes، وهو نظام مفتوح المصدر لتنظيم الحاويات، مما يبسط نشر وإدارة التطبيقات.
أوجه التشابه
- يقدم جميع المزودين الثلاثة مجموعة واسعة من خدمات السحابة، بما في ذلك القدرة الحاسوبية والتخزين وقواعد البيانات والشبكات.
- يركزون على التوافر العالي، والأمان، والامتثال للمعايير الصناعية.
- لكل مزود شبكة عالمية من مراكز البيانات لضمان انخفاض وقت الاستجابة وتقديم خدمة موثوقة.
الاختلافات الرئيسية
- تمتلك AWS أكبر مجموعة من الخدمات وأكبر حصة في السوق، ولكنها تُعتبر غالباً أكثر تعقيداً ويمكن أن تكون أغلى تكلفة في بعض الحالات.
- يوفر تكامل مايكروسوفت أزور مع نظام مايكروسوفت البيئي للبرامج ميزة فريدة للمؤسسات التي تستخدم منتجات مايكروسوفت مُسبقاً.
- تتميز جوجل كلاود بقدراتها الفائقة في تحليلات البيانات وتعلم الآلة ودعم المصادر المفتوحة، خاصة لـ Kubernetes.
مناطق القوة
- AWS: قابليتها للتوسع، الشبكة العالمية الواسعة، الأمان، ومجموعة واسعة من الخدمات.
- مايكروسوفت أزور: حلول السحابة الهجينة، الخدمات المؤسسية، الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، والتكامل مع منتجات مايكروسوفت.
- جوجل كلاود: تحليلات البيانات، تعلم الآلة، دعم Kubernetes، والابتكار في حلول البيانات الضخمة.
تسارع مدفوع بالجائحة
سارعت جائحة كوفيد-١٩ في تبني الخدمات السحابية حيث سعت الشركات للحصول على مزيد من المرونة وكفاءة التكلفة. يستمر هذا الاتجاه في التحول الرقمي في تشكيل الصناعات في جميع أنحاء العالم.
الاتجاهات الناشئة
يتشكل مستقبل الحوسبة السحابية بعدة اتجاهات رئيسية
- استراتيجيات السحابة الهجينة والمتعددة: الجمع بين البنية التحتية المحلية والسحابات العامة والخاصة لتحسين الموارد والامتثال.
- الحوسبة بدون خادم: تمكين المطورين من كتابة الكود دون إدارة البنية التحتية، مما يؤدي إلى التوسع التلقائي وكفاءة التكلفة.
- تكامل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة: تدمج المنصات السحابية قدرات التحليلات المتقدمة والأتمتة.
- الحوسبة الطرفية: معالجة البيانات بالقرب من مصدرها لتقليل التأخير ومشكلات النطاق الترددي، وهي مثالية للتطبيقات اللحظية.
- الحوسبة الكمومية: تتيح الوصول إلى موارد الكم لحل المشكلات المعقدة في مختلف المجالات.
إنترنت الأشياء (IoT)
يُعَد إنترنت الأشياء (IoT) من التطورات الرئيسية التي تتداخل بشكل كبير مع الحوسبة السحابية. إنترنت الأشياء يشمل الربط بين الأجهزة المختلفة عبر الإنترنت، مما يسمح لها بالتواصل وتبادل البيانات. تُسهم الحوسبة السحابية بشكل كبير في تمكين هذا الاتصال من خلال توفير البنية التحتية اللازمة لتخزين البيانات ومعالجتها. تُمكن منصات السحابة الأجهزة من التعامل مع كميات ضخمة من البيانات في الوقت اللحظي، وتحليلها لتقديم رؤى هامة تُحسن الكفاءة التشغيلية وتُعزز التجارب اليومية. من المنازل الذكية إلى المدن الذكية، يفتح إنترنت الأشياء آفاقاً جديدة في كيفية تفاعلنا مع التكنولوجيا، مما يجعل الحياة اليومية أكثر راحة وفعالية.
الخلاصة
لقد غيرت الحوسبة السحابية بشكل أساسي كيفية وصول الشركات إلى الموارد الحاسوبية واستخدامها، مما يوفر حلاً مرناً وفعَّالاً من حيث التكلفة وقوياً ليكفي احتياجات تكنولوجيا المعلومات الحديثة. ومع استمرار تقدم التكنولوجيا، ستظل الحوسبة السحابية في طليعة الابتكار والتحول الرقمي.
إذا كنت من المهتمين بالتكنلوجيا عموماً فقد تكون هذه التقنية طريقك نحو النجاح، سواء كنت مبتدئ تبحث عن تخصص واعد وله مستقبل او كنت محترف تود الاستفادة من هذه التقنية في اعمالك الخاصة او لعملائك.