تأملات في العمل النقابي في السودان (٤\٧)

أضواء على المؤتمر الصحفي للجبهة النقابية

يوم الأحد الموافق الثلاثين من يونيو ٢٠٢٤م شهدت الحركة النقابية حدثاً مميزاً قد فرض نفسه على ساحة العمل العام وعلينا بحيث لم يعد ثمة مناص أمامنا غير تناوله بالتعليق والتحليل.

بدأ المؤتمر الصحفي بتلاوة وثيقتين هما ميثاق الجبهة النقابية والاعلان الوطني للجبهة النقابية حيث قامت الجبهة النقابية على مدي عام ونيف ورغم ظروف الحرب بتطوير هاتان الوثيقتان وطرحهما على الساحة النقابية بصفة خاصة والفضاء العام بصفة عامة.

اشتمل الميثاق على ثلاثة ابواب رئيسية هي الديباجة والمبادئ التي تحم عمل الجبهة النقابية والاهداف، حيث اكدت الديباجة على أن الجبهة النقابية ماهي الا امتداد للإرث النقابي العتيد والممتد لما يزيد عن المئة عام منذ الاضراب الاول لعمال المناشير مروراً بهيئة شئون العمال وجبهة الهيئات والتجمع النقابي وتجمع المهنيين. كذلك اكدت الديباجة على الدور الرقابي المهم الذي تقوم به الحركة النقابية في مراقبة الاداء العام للدولة وحسن تنفيذ سياساتها لتصب في صالح العاملين باجر وغالبيتهم العظمي من ذوي الدخل المحدود.

أما في المبادئ فقد أكد الميثاق على مبدا وحدة واستقلالية وديمقراطية النقابات كما أكدت على دور الحركة النقابية كضامن ومراقب لمراحل بناء وترسيخ سلطة الشعب التي تعبر عن الغالبية العظمي من الشعب الذين هم في غالبيتهم من العاملين باجر أو من ذوي الدخل المحدود.

فيما يلي الاهداف فقد اشتمل الميثاق على خمسة اهداف ركزت على مسألة اعادة بناء الحركة النقابية ومشاركتها في هياكل السلطة القادمة بوصفها ضامن ومراقب والتشديد على دورها الرئيس في صياغة القوانين ذات الصلة وعلي راسها قانون النقابات وقانون العمل وقانون المعاشات وقانون التأمينات الاجتماعية الي جانب مراجعة وتطوير عدد من الوثائق القانونية المتعلقة بيئة وعلاقات العمل مثل لائحة الصحة والسلامة المهنية.

أما الاعلان الوطني فقد ركز على ثلاثة قضايا جوهرية هي: إنهاء الحرب ومعالجة اثارها واحلال السلام، استكمال مسار ثورة ديسمبر المجيدة، تأسيس الدولة وترسيخ الحكم الديمقراطي. وهي قضايا يفهم منها بوضوح التمسك والعودة بمطلوبات ثورة ديسمبر المجيدة عبر وقف الحرب والعودة الي مسارها الثوري المفضي الي دولة العدالة الاجتماعية والحريات والديمقراطية.

أن ميلاد الجبهة النقابية يعد خطوة متقدمة نحو توحيد صوت الحركة النقابية وإعادة بنائها على اسس عملية تتسق وسياقات الواقع الجديد، إلا أن ذلك لا يجعل منها المفتاح السحري لمعالجة واقع العاملين المعقد في ظل الحرب، فالجبهة النقابية ستواجه جملة من التحديات التي سنتناولها بالفصيل في مقالات لاحقة والمتمثلة في الاتي:

  1. دراسة الواقع الجديد للعمل عمل خارطة لقوي العمل داخل وخارج السودان.
  2. التمسك بإرث وتقاليد العمل النقابي الصحيحة في ظل الهجمة النيوليبرالية الرامية الي أنجوة أو طوعنة العمل النقابي والذي تقوم به بعض الجهات مستغلين أجواء الحرب.
  3. مسألة توسيع قاعدة الجبهة النقابية باستيعاب اجسام جديدة ذات توجهات نقابية حقيقية لا تسعي الي اتخاذ الانضمام الي الجبهة النقابية كرافعة للعب أدوار سياسية صرفة مستقبلاً كما هو الحال لدي الاجسام المهنية المنضوية الي تحالف تقدم والتي انحصرت مشاركتها داخل التحالف في العمل السياسي ولم نسمع منها اي مطالب نقابية.
  4. تبني موقف نقابي صحيح في مسألة العلاقة بين العمل النقابي والعمل السياسي خصوصاً وأن الجبهة النقابية قد تبنت بوضوح مسألة المشاركة في السلطة الانتقالية مما يعني عدم وجود موقف مبدئي لديها في مسألة التعاطي مع الشأن السياسي.
  5. العلاقة مع الاجسام المهنية ذات الطابع السياسي والتي تدعي الحديث باسم قوي العمل وعلي راسها تجمع المهنيين بشقيه واستجلاء العلاقة بين ما هو نقابي وما هو سياسي في التعامل مع هذه الاجسام.

تلك هي أهم التحديات التي سوف تواجه الجبهة النقابية وهي تحديات في حاجة الي الكثير من العصف الذهني وبعد النظر الي كما تحتاج الي وعي وإدراك لتاريخ وتجارب الحركة النقابية السودانية ووعي وإدراك لمتغيرات العصر والهجمة النيوليبرالية الشرسة التي تواجهها الحركة النقابية عموماً على مستوي العالم وأذرعها الداخليين في السودان.

ختاماً من المهم الاشارة الي ضرورة أن لا تتعامل الجبهة النقابية مع وثائقها تلك كوثائق نهائية، بل يجب أن تظل مفتوحة للنقاش وقابلة للتطوير وذلك عبر عملية حوار ونقاش مستمر مع كل القوي النقابية والاجسام الثورية والمهتمين بالشأن النقابي.

 

شارك بتعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *