ما الذي يدور في مدينة سنجة

عاش أهلنا بمدينة سنجة حالة من الهلع والمعاناة العظيمة وذلك بعد الاشتباكات بين الجيش وميليشيا الدعم السريع التي بدأت من الجهة الغربية وامتدت الي داخل المدينة.

حتى نتمكن من فهم ما حدث ينبغي علينا الانتباه الي أن التحدي الرئيس الذي تعاني منه ميليشيا الدعم السريع هو تأمين الإمداد لعناصرها داخل ولاية الجزيرة. ومنطقة جبل موية هي نقطة مهمة لتأمين خطوط الامداد لهذه العناصر المتواجدة بالولاية وبالتالي فإن المعركة الرئيسية ليست في سنار أو سنجة، بل المعركة الرئيسية تدور حول تأمين خطوط الامداد والتي تشكل منطقة جبل موية نقطة رئيسية فيها، حيث لا اعتقد أن لدي المليشيا استراتيجية هجومية تسعي نحو الشرق كما ذهب بعض المحللون. بل تعتبر هذه المدن نقاط تأمين متقدمة لخطوط إمداد الميليشيا من جانب كما تشكل أيضاً احتياطي إمداد متي ما تقطعت بهم السبل، وبالتحديد الوقود، والمركبات، والأغذية.

تحركات الجيش في الأيام القليلة الماضية هددت بصورة كبيرة منطقة جبل موية وبالتالي طرق امداد الميليشيا، خصوصاً وأن الجيش قد حشد معظم قواته المتواجدة في هذا الشريط الممتد من سنار حتى الدمازين في داخل مدينة سنار مما أتاح الفرصة لميليشيا الدعم السريع من تهديد مدينة سنجة التي تحولت الي خاصرة رخوة للجيش.

حسب المعلومات التي رشحت فإن محاولة اقتحام مدينة سنجة قد تمت بعدد محدود من المركبات القتالية وبضع عشرات من الدراجات النارية مما يشي بأن هذه القوة قد لا تتعدي قوة استطلاع محدودة ليس الهدف منها السيطرة على المدينة، بل إجبار الجيش علي تخفيف الحصار علي جبل مويه وذلك بإجباره على تحريك قوات نحو مدينة سنجة. وقد تعاود ميليشيا الدعم السريع الهجوم على المدينة إذا ما استشعرت من هجومها الأول ضعفاً في إرادة القتال لدي الجيش، وإذا ما توافرت لديهم معلومات استخبارية تشير الي أن الجيش لم يعزز وجوده في مدينة سنجة بما يكفي. وسيجد مواطن سنجة نفسه مجبرا على النزوح ومغادرة المدينة اسوة بما حدث في بقية المدن التي اجتاحتها ميليشيا الدعم السريع.

قد استفادت الميليشيا وبشدة من حالة الذعر التي انتابت مواطني سنجة في خلق فرقعة إعلامية مستغلين حالة عدم ثقة مواطن سنجة في الجيش وعدم توفر الإرادة لديه في الدفاع عن المواطنين، وهو محق في ذلك فلديه في الخرطوم ومدن الجزيرة ودارفور عبرة.

إن حالة عدم الثقة هذه قد اسهم فيها ولحد كبير إدراك المواطن انه إزاء قيادات عسكرية تفتقر الي الاحترافية ولا تدري كيف تدير المعارك لصالح حماية مواطنيها ويعزز هذا الإدراك التصريحات الرعناء لعناصر الحركة الإسلامية تحت لافتة المقاومة الشعبية والتي تدعو المواطنين الي حمل السلاح للدفاع عن انفسهم وتشير بوضوح الي أن الجيش سوف لن يحمي المواطنين وستكون النتيجة المنطقية لمثل هذه التصريحات ليس حمل المواطن للسلاح بل مغادرة المدنيين لمدنهم وقراهم، حيث يبدو أننا إزاء جيل معتوه من عناصر الحركة الإسلامية لا يعرف كيف يخاطب الناس.

رسالتي لشرفاء القوات المسلحة، فلنجعل من مدينة سنجة نقطة لوقف هذا التدهور والتوجه نحو الانتصار، وهذا لن يتحقق ما لم تتحول استراتيجية العمل العسكري داخل الجيش نحو حماية المدنيين بدلاً من استخدامهم وقوداً للحرب ضد الدعم السريع.

إن طريق الانتصار يبدأ بمحطة التفاف الشعب حول جيشه وهذا لن يتحقق مالم يشعر المواطن بان الجيش يعمل بجدية علي حماية المدنيين وينحاز لمصالحهم، وتلك استراتيجية سوف تستميت قيادة الجيش غير المحترفة والفاسدة علي مقاومتها وتسويفها، أما إذا اضطر المواطن الي حمل السلاح للدفاع عن نفسه فسوف يعمل أيضاً علي تكوين جيشه الوطني الذي يحميه ويدافع عن مصالحه بعيداً عن القوات المسلحة الحالية، وإذا اخفق المواطن في ذلك فتلك هي الحرب الاهلية.

تلك هي تعقيدات المشهد من وجهة نظري المتواضعة وهي تعقيدات تلقي بعبء وطني ثقيل علي كاهل شرفاء القوات المسلحة فماذا انتم فاعلون؟؟؟.

شارك بتعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *